ابن البنا المراكشي والتجديد الفكري في مغرب القرنين 13م و14م
يتفق معظم الذين أرخوا للفلسفة، وأيضا كثير من المفكرين المعاصرين، على القول بأنه بمجرد وفاة ابن رشد سنة 1298م توفي النظر العقلي بالمغرب، وعادة ما يربطونه على المستوى التاريخي بهزيمة العقاب سنة 1212م التي كانت بمثابة نقطة البداية لتساقط المراكز العلمية الأندلسية الكبرى في أيدي المسيحين؛ وبالخصوص قرطبة التي سقطت سنة 1236م وإشبيلية التي سقطت سنة 1248م. إلا أن هذه الفكرة المنتشرة بكثرة غير صحيحة تماما، وهو ما تحاول بعض الدراسات المعاصرة من خلال تخصيص دراسات وأبحاث لبعض الأعلام الذين واصلوا الاهتمام بالفلسفة والفكر العقلي حتى بعد وفاة ابن رشد؛ سواء من خلال بعض النصوص المتناولة لقضايا تقع في صلب اهتمامات ابن رشد نفسه في المنطق والعلم الطبيعي، أو من خلال استمرار النقاش في القضايا المتعلقة بعلم الكلام، أو الموقف من المحنة التي تعرض لها أواخر حياته (1).